Tuesday, September 24, 2013

نظرية المؤامرة


هل قابلت أشخاصا كلما ذكر أمامهم حديث عن ما يجري في دول المنطقة من أحداث جسام قالوا بنبرة الخبير ببواطن الامور: انها مؤامرة امريكية غربية صهيونية؟ واذا حاولت أن تشير الى عوامل اخرى تخص المنطقة وشعوبها، تاريخية وثقافية واقتصادية وغيرها، نظروا اليك نظرة استخفاف وعطف على تفكيرك الساذج الجاهل بخفايا الامور مما يدركونه هم؟؟

ان الانسان يميل الى تفسير الاحداث التي يراها ويعيشها. ويستند التفسير عادة الى ما يتوفر من معلومات. وتفسير الاحداث السياسية، الكبيرة منها خصوصا، يستند الى أمور كثيرة تخص بلدان المنطقة (ثقافتهم ومستواهم الحضاري، أعراقهم، أديانهم وطوائفهم، تاريخهم وما تعكسه أحداثه على حاضرهم، حالتهم الاقتصادية، عاداتهم وتقاليدهم وغيرها) والى أمور تخص الدول المجاورة وامور تخص الدول الكبرى والعالم بأسره.
لكن بعض الناس يعفون انفسهم من عناء التفكير والتحليل ويفسرون كل شيء بانه مؤامرة من قوى خارجية. وهم بذلك يصورون هذه القوى كقوى لها قدرات خارقة ويصورون شعوب المنطقة كاناس بسطاء ليس لهم قدرة على التفكير، لا يملكون أرادة وتقودهم مجموعة من المتآمرين. ويتحدث هؤلاء المتمسكون بنظرية المؤامرة بلهجة الذكي العالم ببواطن الامور الذي ينبهك الى ما انت غافل عنه ويغلق عقله تماما عن كل شيء اخر يخرج عن نظريته في تفسير الحدث.

ان من صفات نظرية المؤامرة التي تستهوي المتمسكين بها:
  1. السهولة: بالغاء التفكير المتعمق واراحة الدماغ من عناء التحليل والتفسير فهناك سبب جاهز يلائم كل حدث!
  2. الراحة النفسية: بالقاء اللوم على العدو والتنصل من المسؤولية.
  3. الظهور بمظهر الذكي الذي يعرف بواطن الامور ولا تنطلي عليه الألاعيب.

قد يحاول بعض منهم ايجاد أدلة على نظريته في المؤامرة ولكنه يبقى محصورا في داخلها ولا يفكر في أية أدلة لا تؤدي اليها. يغض الطرف عما يتوفر من أسباب للحدث واضحة للعيان معروفة للكثير من المفكرين ويبحث عن أدلة غامضة مشكوك في صحتها ومصادرها. انه لا يستعمل الادلة للتوصل الى قناعة وانما هو مقتنع بالفكرة مسبقا ويبحث عن أدلة تسندها! عكس المنطق السليم الذي يصل الى القناعة من الادلة.


لا أنكرأن للمؤامرة دورا في الاحداث وان التامر كان وسيبقى وسيلة من وسائل الصراع بين المتخاصمين والساعين الى بسط النفوذ. ولكن هذا الدور، صغر ام كبر، كان من البداية ام دخل فيما بعد، انما هو عامل مع عوامل اخرى كثيرا ما تفوقه في الاهمية يغفلها المولعون بنظرية المؤامرة ويرفضونها أو يستهينون بها عندما يذكرها الاخرون.