Monday, April 4, 2011

الاصيل والقيم والمفيد في الترقيات العلمية في الجامعات العراقية


الاصيل والقيم والمفيد كلمات مالوفة لاعضاء الهيئة التدريسية في الجامعات العراقية الذين يقدمون طلبات للترقية العلمية. انها من المفترض ان تمثل درجات في سلم تقويم البحوث التي يقدمها طالب الترقية. ترسل البحوث الى مقومين يطلب منهم اعطاء كل بحث الدرجة التي يستحقها في هذا السلم وتكون نتيجة التقويم في العادة اهم اساس في الترقية.
فهل تمثل هذه الاوصاف سلما من درجات متسلسلة؟؟
اذا اردت ان ترتب اشياء او اشخاصا في رتب متدرجة فان المنطق يقتضي ان ترتبهم حسب صفة واحدة  حتى يمكن ان تعطي كل واحد درجة في تلك الصفة ولا يقع واحد في اكثر من درجة. فلو اردت مثلا ان ترتب اشخاصا حسب الطول فيمكن ان تكون الدرجات: طويل، ومتوسط الطول وقصير (وتضع حدودا لكل درجة) فلا يمكن عندئذ ان يقع شخص ما في درجتين او اكثر ويكون طويلا ومتوسط الطول او قصيرا في نفس الوقت او ترتبهم حسب الثروة مثلا الى غني ومتوسط الغنى وفقير او حسب الذكاء الى ذكي ومتوسط الذكاء وغبي وهكذا ولا يصح ان يتكون السلم الواحد من درجات من اوصاف مختلفة كان تكون درجات السلم: طويل ومتوسط الذكاء وفقير لان شخصا ما قد يقع في الدرجات كلها ويصبح السلم عديم الفائدة لا يحقق غايته في المفاضلة والمقارنة.
فهل الاصيل والقيم والمفيد درجات من صفة واحدة؟ ان الاصالة شيء والقيمة شيء اخر والافادة شيء ثالث. وان بحثا ما يمكن ان يكون اصيلا وقيما ومفيدا في الوقت نفسه وان اعطاءه ايا من هذه الصفات لا يجعله ارفع او ادنى من بحث اعطي صفة اخرى منها. واذا كان المقوم غير عراقي لا يعرف تأثير كل وصف في انجاز الترقية فانه سيحتار اين يضع البحث؟ أن واضعي تعليمات الترقية العلمية والعاملين فيها اعتبروا ان الاصيل اعلى من القيم والقيم اعلى من المفيد وان القيم ليس اصيلا ! والمفيد ليس اصيلا ولا قيما ولا يصلح للترقية! كل ذلك بحكم تفاهم غير مكتوب ناتج عن طريق الاستنتاج مما رتبه القانون والتعليمات من نتائج على كل وصف من هذه الاوصاف بغض النظر عما تعنيه كل كلمة من الناحية اللغوية وكيف سيفهمها المقوم والاخرون وكأن ذلك لا يهم!!
هذا السلم موجود منذ عشرات السنين وقد تم تغييره لفترة ما في الثمانينيات فاصبح البحث يصنف الى اصيل وغير اصيل ويصنف كل منهما الى جيد جدا وجيد ومقبول أو نحو ذلك لا اذكر بالضبط. وهذا تصنيف افضل فهو يصنفها حسب الاصالة اولا ثم يدرج كل صنف حسب الجودة ثانيا. ولكن هذا التصنيف لم يدم لا اعرف لماذا واعيد الوضع الى الاصيل والقيم والمفيد. اتمنى ان يتغير هذا السلم الى سلم اخر يقبله المنطق السليم او يعاد الى التغيير المذكور الذي حصل في الثمانينيات.
تبقى اسئلة اخرى في موضوع الترقيات العلمية الشائك. ما هي المعايير التي تحدد ان يكون البحث اصيلا او قيما او مفيدا؟ وكيف يتم اختيار المقومين؟ وكيف يضمن عدم معرفتهم والتاثير عليهم من قبل طالب الترقية او غيره؟ وهل من العدالة ان نطبق في ترقيات التدريسيين في جامعاتنا نفس المعايير المطبقة في الجامعات الغربية المتقدمة وان نتوقع منهم ان ينتجوا بحوثا في مستوى نظرائهم في تلك الجامعات رغم الاختلاف الكبير في الامكانات البشرية والمادية خصوصا في الحقول العلمية؟ واسئلة اخرى لا يتسع المجال لذكرها او الخوض فيها في هذه العجالة وتحتاج الى بحث ونقاش وتبادل اراء بين الخبراء بالموضوع. أنه حقل شائك حقأ!!

No comments:

Post a Comment